الاستنارة

الرقية الشرعية
على ضوء الكتاب والسنة

المقدمة.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى، لا إله إلا هو، العزيز الحكيم، الشافي الكافي، العالم بالسر والنجوى، القادر على كل شيء، مالك الملك ومدبر الأمر، لا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، أمر فعدل، وخلق فأحسن، وابتلى فهدى، وشفى برحمته من شاء، وصرف البلاء عن من شاء، نحمده بما هو أهله، ونثني عليه الخير كله، لا نحصي ثناءً عليه، هو كما أثنى على نفسه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد: فهذا الموقع الذي بين يديك، هو جهدٌ متواضعٌ في باب الرقية الشرعية، قدمناه على منهج أهل السنة والجماعة، مستندين فيه إلى الكتاب العزيز، والسنة النبوية الصحيحة، وما أجمعت عليه الأمة، وما قرره القياس السليم، والاستصحاب المعتبر، والاستحسان المنضبط بالضوابط الشرعية، راجين من الله القبول والسداد، ومبتغين به وجهه وحده. وقد راعينا في هذا الموقع نقل العلم التجريبي الموثوق، الذي لا يعارض نصاً من كتاب الله ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا يخالف ما قرره أهل الطب الحاذقون من المختصين الأمناء، لأن الرقية الشرعية ليست خصماً للعلم، ولا عائقاً أمام الطب، بل هي دعامة من دعائم الشفاء والتداوي المشروع، إذا التزمت بالضوابط الشرعية والمنهج السليم. إن الاعتماد على الله تعالى هو أساس كل عمل مبارك، وهو الركن الركين لكل راقٍ ومسترقي، فباسمه نبدأ، وعليه نتوكل، ومنه نرجو العون والتوفيق، سائلين إياه أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، نافعاً لعباده المؤمنين، محارباً للبدع والمخالفات، وداعياً إلى النور والهدى والرحمة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أهداف الموقع.

إن إقامة مراكز ومواقع للرقية الشرعية ليست مجرد مشاريع علاجية، بل هي رسالة إيمانية، ونهضة علمية، وحصنٌ منيع يحمي المجتمع من براثن الجهل والدجل. تتجلى أهمية هذا المراكز في جوانب متعددة تمس الفرد والمجتمع، نلخصها فيما يلي:

 

1. محاربة السحر والسحرة والمشعوذين:

في ظل ما يعج به الواقع من انتشار السحر والشعوذة، ووقوع الناس فريسة لأوهام الدجالين، يأتي المركز كـ درع واقٍ وسيف قاطع؛ يفضح زيفهم، ويدحض باطلهم، وينقذ العقول من أسرهم. فالساحر لا يسلك سبيله إلا وقد كفر، والمشعوذ لا يرتقي منبره إلا وقد خان، ولا سبيل لردعهم إلا بمركزٍ يعرّي باطلهم بالعلم، ويُحذِّر من شرهم بالدليل، ويُناصر المصابين بتشخيص صحيح لا يخضع للهوى أو الطمع.

2. تخليص الناس من استغلال الرقاة المتاجرين بالرقية:

في ظل غياب الضوابط، برز فئة من الرقاة اتخذوا من آلام الناس تجارة، ومن القرآن سلعة، يبالغون في الأسعار، ويدّعون قدرات خارقة، ويُلبسون جهلهم لباس العلم.
يأتي المركز ليضع ضوابط شرعية وأخلاقية للرقاة، ويعمل على غربلة الساحة من المتطفلين، فلا رقية إلا بعلم، ولا معالجة إلا بضوابط، ولا مقابل إلا بقدر مشروع.

3. نشر الوعي الشرعي في التمييز بين الأمراض الروحية والنفسية والعضوية:

كثيرون يقعون في خلطٍ مُهلِك بين الأمراض؛ فيُشخِّصون الاكتئاب على أنه مس، والصرع على أنه سحر، والوسواس على أنه عين. يُسهم المركز في نشر الوعي عبر ندوات، وكتيبات، واستشارات، تُبَيِّن بدقة الفروق بين المرض الروحي والنفسي والعضوي، وتعزز التعاون بين الراقي المؤهل والطبيب والمختص النفسي، في منظومة علاجية متكاملة.

4. تخريج جيل من الرقاة المؤهلين علمياً وشرعياً:

من أهداف الموقع الجليلة: إعداد رقاة ليسوا فقط حفظة لآيات، بل علماء بأحكام الرقية، مدركين لمقاصدها، واعين بمزالقها. جيلٌ يجمع بين الفقه والرحمة، وبين الحكمة والخبرة، يحسن التوجيه، ويصدح بالحق، ويتجنب مواطن الشبهات، يُعالِج دون أن يُتاجِر، ويستر دون أن يبتز.

5. وقاية المجتمع وتحصينه:

الموقع ليس فقط لعلاج المرضى، بل هو قلعة توعوية، تحصن الناس بالرقية الشرعية الصحيحة، وتعلمهم الأذكار، وتكشف لهم سبل الوقاية من العين والسحر والمس.

فتنتشر الطمأنينة، وتضعف وساوس السوء، ويتحول المجتمع من فريسة للظنون إلى جسد متماسك مُدرَّب على الحصانة الإيمانية.

همسة أخيرة.

إن مراكز الرقية الشرعية هي مستشفى الأرواح، ومدرسة الإيمان، ومحراب الجهاد ضد الخرافة. هي صرحٌ رباني يُعيد الثقة في العلاج الشرعي الصحيح، وتُرسّخ الفهم القويم، وتمسح دموع الحيارى، وتهدم أوكار السحرة والدجالين بصوت الحق، ونور العلم، وسلاح القرآن. فلتكن هذه المراكز مشعلًا في زمن الظلام، ونقطة ضوء تُبدد ضباب الجهل، وصرخة في وجه كل من باع دينه لأجل دراهم معدودة.

المنهج المتبع.

إن إقامة مراكز ومواقع للرقية الشرعية ليست مجرد مشاريع علاجية، بل هي رسالة إيمانية، ونهضة علمية، وحصنٌ منيع يحمي المجتمع من براثن الجهل والدجل. تتجلى أهمية هذا المراكز في جوانب متعددة تمس الفرد والمجتمع، نلخصها فيما يلي: